إطلاق سراح نجل الرئيس الليبي السابق الساعدي القذافي
إطلاق سراح نجل الرئيس الليبي السابق الساعدي القذافي

تمر الأزمة الليبية بمرحلة هامة بعد إعلان انطلاق مشروع المصالحة الوطنية في البلاد الاثنين، والإفراج  قبلها عن عدد من مسؤولي نظام الرئيس السابق معمر القذافي.

وخلال الساعات الماضية، أعلنت السلطات الليبية الإفراج عن الساعدي القذافي، أحد أبناء الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذي كان مسجونا في العاصمة طرابلس منذ العام 2014، وأحمد رمضان، الذي كان يحمل رتبة عقيد إبان حكم القذافي، ويحتل منصب رئيس الأركان والمخابرات وكان يلقب ب"الصندوق الأسود" للقذافي.

وذكرت الحكومة الليبية في بيان صحافي الاثنين، أن قرار الإفراج عن الساعدي جاء "تنفيذا لأحكام القضاء النافذة"، مؤكدة أن عائلة الساعدي تسلمته، من دون تقديم مزيد من المعلومات عن وجهته. وثمن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، "كافة الجهود التي بذلت في سبيل تحقيق ما تم التوصل إليه اليوم من مصالحة"، في إشارة إلى الإفراج على السجناء الموقوفين على ذمة قضايا مختلفة، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية، بحسب ما جاء في بيان نشره المكتب الإعلامي للمنفي على فيسبوك. 

وقال المنفي إن "القرارات التي اتخذت ما كان لها أن تتخذ، لولا الرغبة الحقيقية والجادة، لدى الشعب الليبي من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الفرقة، وإيقاف نزيف الدماء، ووضع حد لمعاناته". 

وهنأ رئيس المجلس، الليبيين على "انطلاق أولى خطوات المُصالحة الوطنية التي تُمثل الرغبة الحقيقة لدى الجميع لطي الماضي وتجاوز الخلافات". 

وحث المنفي الشعب الليبي على الالتفاف حول الوطن وبناء دولة المواطنة والقانون، "والعمل معاً من أجل بناء وطن واحد، ترفرف عليه راية السلام".

وتتزامن هذه الخطوات مع تسريبات متكررة من سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الأسبق معمر القذافي، عن نيته للترشح للرئاسة، مما يثير التساؤلات حول شكل المصالحة الليبية وحظوظ عائلة القذافي في العودة لدائرة الحكم. 

"خطوة جيدة"

المحلل السياسي خالد السكران، يرى أن خطوة إعلان المصالحة جيدة وإن تأخرت بعض الوقت، مؤكدا أن أحد الأهداف الرئيسية للمجلس الرئيس الجديد عندما تم انتخابه هو تشكيل هيئة عامة للمصالحة وطنية.

وشدد السكران في تصريحات لموقع قناة "الحرة" على ضرورة الإسراع في إجراءات تشكيل الهيئة مع ضرورة البعد عن المجاملات والمحاصصة عند اختيار الأعضاء.

لكن المحلل السياسي فرج دردور، يرفض فكرة المصالحة بالشكل التي دعت له الحكومة. ويرى دردور أن ليبيا لا تعني من انقسامات مذهبية أو طائفية، ولا يوجد خلافات بين الشعب الليبي حتى يحتاج مصالحة، فالمدن مفتوحة على بعضها ولناس يزورون بعضهم البعض دون حواجز، لكن "أزمة ليبيا في العصابات التي تريد فرض رأيها بالقوة على الشعب".

وأضاف دردور في تصريحات لموقع "الحرة" أن هذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة المصالحة وكلها فشلت، مشيرا إلى أن الاختلاف بين أبناء الشعب الواحد أمر طبيعي، وأنه لا يمكن أن يقبل عاقل بفرض رأي واحد على الشعب تحت اسم المصالحة.

وقال السكران إن الإفراج عن الساعدي ورموز القذافي هو جزء من صفقات غير واضحة، مشيرا إلى أن الساعدي صدر امر بالإفراج عنه منذ سنتين، لكن كانت توجد قوة خفية تعطله. وأوضح أن هناك صفقات وأطراف إقليمية لعبت دورا فيه.

وأكد على ضرورة احترام قرارات القضاء الليبي.

لكن درور قال إن "الساعدي متهم في عشرات قضايا القتل وتوجد الكثير من الأدلة على ذلك، لكن القضاء ليتحرك للبحث عنها".

وغرقت ليبيا في حالة من الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، مع وجود سلطتين متنافستين في شرق البلاد وغربها وتدخلات لقوى أجنبية.

ورغم إنهاء القتال في أكتوبر 2020، وتشكيل حكومة وحدة في مارس، عادت الانقسامات إلى الظهور بسرعة في حين من المزمع إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ديسمبر المقبل.

بدورها، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعملية الإفراج ووصفتها بأنها خطوة "مهمة" لاحترام "حقوق الانسان وسيادة القانون".

وأوضحت البعثة الأممية في بيان صحافي، بأنها أحيطت علماً بالإفراج عن "الساعدي القذافي مع أحمد رمضان وستة مسؤولين آخرين في النظام السابق كانوا قد احتُجزوا لمدة سبع سنوات أو أكثر. 

وأضافت "تمثل عمليات الإفراج هذه خطوة مهمة نحو احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، وتعد تطوراً إيجابياً يمكن أن يسهم في تحقيق عملية مصالحة وطنية قائمة على الحقوق وفي تعزيز الوحدة الوطنية بشكل أكبر".

وأردفت في ختام بيانها "نكرر الدعوة للسلطات الليبية للإفراج الفوري عن آلاف الأشخاص،الذين ما زالوا محتجزين بشكل تعسفي في مرافق الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا".

عودة سيف الإسلام

وأثار إطلاق سراح نجل القذافي ورموز نظامه جدلا خلال الساعات الماضية، وتساؤلات حول إمكانية عودة رموز النظام السابق للحياة السياسية، خاصة أنها تزامنت مع تسريبات عند احتمالية ترشح سيف الإسلام القذافي لانتخابات الرئاسة الليبية، المقرر لها 24 ديسمبر القادم.

وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت في يوليو، أكد سيف الإسلام المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أن عائلة القذافي لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، مضيفا أنه أصبح الآن "رجلا حرا" ويخطط لعودة سياسية.

المحكمة الجنائية الدولية تطلب منذ عدة سنوات باعتقال سيف الإسلام بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية

وأضاف أنه يريد "إحياء الوحدة المفقودة" في ليبيا بعد عقد من الفوضى، ولمح إلى احتمال الترشح للرئاسة.

ورغم اختلاف رأي دردور والسكران حول جدوى المصالحة، يتفق الاثنان على أن حظوظ سيف الإسلام القذافي في الظفر برئاسة ليبيا ضعيفة جدا. 

واستبعد دردور عودة رموز نظام القذافي للحياة السياسية، لأن الشعب سيرفض ذلك، مشيرا إلى أن الليبيين لا يتذكرون حسنة واحدة لهذا النظام. وأكد ان سيف الإسلام هو الوحيد الذي يتحدث عن العودة للسياسة رغم القضايا المحلية والدولية ضده.

ويرى السكران أن عودة سيف الإسلام للحياة السياسية والترشح صعب جدا، لأنه مطلوب على ذمة قضايا جرائم حرب محلية ودولية، وتسويتها في هذه الفترة أمر صعب جدا. ولفت إلى أن سيف الإسلام يتمتع بشعبية ولكن ليست كبيرة لأنها تتركز في الشرق الليبي بينا أغلب الغرب من مؤيدي ثورة فبراير، وبالتالي ستكون حظوظه ضعيفة لأن الغرب يمتلك نسبة الأصوات الأكبر.

وقضت محكمة في طرابلس بإعدام سيف الإسلام غيابيا في 2015 في اتهامات بارتكاب جرائم حرب تتضمن قتل محتجين خلال الانتفاضة. وقالت المحكمة الجنائية الدولية في حينه إن المحاكمة لم تف بالمعايير الدولية.

وتطلب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أيضا باعتقاله بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".

وكان مساعد وزير الخارجية الأميركية بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، قال في تصريحات سابقة لقناة الحرة تعليقا على أخبار ترشح القذافي: "أعتقد أن كل العالم لديه مشكلة في ذلك. هو واحد من مجرمي الحرب. يخضع لعقوبات الأمم المتحدة ولعقوبات أميركية. من يترشح للانتخابات الرئاسية أمر يقرره الشعب الليبي ولكن نعم سيكون لدينا إلى جانب المجتمع الدولي الكثير من المشاكل إذا كان رجل مثله رئيساً لليبيا".

أفراد من قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الليبية في حديث مع سيدات أثناء قيامهن بإيقاف السيارات عند نقطة تفتيش مؤقتة في بلدة ترهونة. أرشيفية
قوات ليبية في بلدة ترهونة. إرشيفية.

قالت قوة عسكرية متمركزة في طرابلس الثلاثاء إن ثلاثة من أفرادها لقوا حتفهم في اشتباكات مع مهربين وتجار مخدرات في الصحراء قرب الحدود مع الجزائر.

وقالت القوة، وهي اللواء 444، في بيان إن الاشتباكات كانت محتدمة "واستمرت لساعات"، مضيفة أنها أحبطت "تهريب كمية هائلة تقدر بنحو خمسة ملايين حبة مخدرة".

ويسير اللواء دوريات في جنوب المدينة وبلدات أخرى لمكافحة التهريب. وهو من أقوى الوحدات العسكرية في طرابلس.

تمكن المهربون من تحقيق أرباح هائلة من خلال استغلال الفراغ الأمني في ليبيا منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011 وأطاحت بمعمر القذافي.

ونشر اللواء على صفحته على فيسبوك، التي تسنى التحقق منها، لقطات تظهر دوريات في الصحراء وأكواما من صناديق الورق المقوى مع عينات من الحبوب البيضاء والحمراء فوقها.

كما أظهرت اللقطات اثنين ممن يُشتبه بأنهم مهربون جاثيين على ركبتيهما وأيديهما فوق رأسيهما ويحيط بهما مقاتلو اللواء.

ويعمل المسؤولون الليبيون بالفعل مع نظرائهم الأفارقة لمعالجة قضية التهريب.

وقالت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية للصحفيين في رسالة إن ورشة عمل انعقدت في طرابلس خلال اليومين الماضيين توصلت إلى اتفاق على "زيادة التنسيق ومكافحة التهريب وتجفيف مصادر تمويله".

وجاء في الرسالة أن الورشة التي نظمها رئيس المخابرات الليبية حسين العائب شارك فيها مسؤولون ومتخصصون وخبراء أمنيون من 26 دولة.